والمقصود من هذا: الحث على الصبر على البلاء بعد وقوعه لا الترغيب في طلبه، فكل ما يدل على الجزع وعدم الرضا بالقضاء فهو منهي عنه، وفي الحديث الذي يرويه البخاري وغيره " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به وليقل: " اللهم … إلى آخره " أي لا يتمنين الموت بسبب ضرر مالي أو بدني نزل به، وذلك لأن تمني الموت يدل على عدم الرضا بالقضاء، وعلى الجزع في البلاء | وهالمرة غلط غلطة ولكنى عجزت اغفر |
---|---|
قال : وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين وإليهما ينتهي | علي انى ودي اغفر له ولكني عجزت اقدر |
فعليك أخي بالصبر والالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه ليذهب عنك الوساوس والتخيلات الشيطانية | فأخذ بيدي فعَدَّ خمسًا، وقال: اتقِ المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا وأحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب |
---|---|
وأما الرضا فهو صبر وزيادة، فالراضي صابر، ومع هذا الصبر فهو راضٍ بقضاء الله، لا يتألم به | وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله يقول: مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ |
وأما الرضا بدينه: فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى: رضي كل الرضا ولم يبق في قلبه حرج من حكمه وسلم له تسليما، ولو كان مخالفا لمراد نفسه، أو هواها، أو قول مقلده وشيخه وطائفته.
25عن عن رسول الله أنه قال: مَنْ قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينًا؛ غُفِرَ له ذنبه | ليست مؤهلة لقربه وموالاته، أو نفس ممتحنة مبتلاة بأصناف البلايا والمحن |
---|---|
وقال سبحانه في سورة الفجر : يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً في هذه الآية لما فرغ سبحانه من حكاية أحوال الأشقياء ذكر بعض أحوال السعداء فذكر النفس المطمئنة وهي الساكنة الموقنة بالإيمان وتوحيد الله الواصلة إلى برد اليقين بحيث لا يخالطها شك ولا يعتريها ريب، قال الحسن: المطمئنة : هي المؤمنة الموقنة، وقال : الراضية بقضاء الله التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها، وقيل: الآمنة المطمئنة، وقيل: غير ذلك، وكلها معاني متقاربة | والرضا بربوبيته: يتضمن الرضا بتدبيره لعبده، ويتضمن إفراده بالتوكل عليه، والاستعانة به، والثقة به والاعتماد عليه، وأن يكون راضيًا بكل ما يفعل به |
إلى آخر ما قال عليه السلام "ولم يكن في عصره أعلم منه ما سؤال عن شيء إلا علم، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه، وللإمام الرضا عليه السلام من التراث الفكري والآراء والحكم والمواعظ ما لا يعد ولا يحصى.