تعود اللعبة إلى أغنية "ماخدش العجوز أنا" | عندما الفنانة صابرين في أغنية "أنا الفرخة" في الثمانينيات: "أما أديك الحاجة الحلوة؟"، فجاء صوت طفولي بالجواب: "أديها لأصحابي الفقراء" |
---|---|
تقول: "كل شيء حولهم تقريبًا يحرض على ذلك، بدءاً من أسرة إلى الشارع وصولاً إلى منتج إعلامي" |
ولفتت طهرإلى أن الأغنية بشكل عام تحظى بأهمية في حياة الطفل، لأنها " تُعد وسيلة سهلة للتعلم"، معتبرة أن هذا السبب يجعل تضمين بعض الأغنيات عبارات "غير سوية أمراً سيىء العواقب".
25تتذكر شقيقها الصغير، الذي فضحهم في إحدى تلك الجلسات، بوقفة عفوية وجّه فيها مسدس المياه الذي جلبه من "لعبة الحظ"، لأنف أحد المارة من كبار السن، ثم هتف: "يا راجل يا عجوز مناخيرك قد الكوز"، والكوز هو إناء فخاري للشراب | وتعود سماح 31 عاماً إلى ذكرياتها مع الأغنية، فتقول لـرصيف22: "كان شيء ما في عقولنا يقسم حلقات لعبنا في الشارع على أساس النوع، كنا نلعب ذكوراً وإناثاً معاً، ولكن ما إن يحدث خلاف نجد أنفسنا مقسمين إلى فريقين، أحدهما للإناث وآخر للذكور، ويسير كل منهما فيما يشبه المظاهرة، الأول يهتف: البنات صراصير البلاعات، والثاني يرد: الولاد برص ماشي على الحيطان" |
---|---|
وترى الاستشارية النفسية وتعديل السلوك، زينب طه، أن تأثير الأغنيات ومعانيها على الطفل يتناسب مع حجم تعرضه لها، "فكلما تعرض الطفل لأغنيات تحوي عبارات تنمر يكون تأثيرها أعمق" | عن طفل مريض يدعى عادل، في إحدى المقاطع يقول فوزي: "ما بيشربش اللبن الصبح، وكل أصحابه ضحكوا عليه، وأهو من يومها شرب وبيكبر، واتربالوا عضل في إيديه" |
ومن التنمر على أساس الشكل إلى التحيز الإيجابي بناء على النوع، حاولت سعاد حسني في أغنية من كلمات صلاح جاهين باسم "البنات البنات"، ضمن مسلسل "هو وهي" إنتاج 1985 ، رد الاعتبار للإناث في مجتمع يعتقد أن إنجاب الأنثى محنة.
30وتتذكر صديقتها في الصف الخامس الابتدائي -عمرها كان 10 سنوات آنذاك- عندما انهارت في بكاء بعدما عنفتها إحدى المدرسات التي رأت أنها ترتدي ملابس طفولية لا تتناسب مع حجم جسدها، ولتضمن إحجامها فضلت إحراجها بوصفها بـ"الدبة" | ولم تبتعد أغنيات أفلامه عن ذلك، في فيلم "إسماعيل ياسين في الجيش" إنتاج 1959 أغنية "سلّم علي" للفنانة ليلى مراد، مع تغيير في الكلمات، فقال على نفس اللحن الصعيدي: "وشك يا حسين موضة قديمة، بؤك كان أصله صالة سيما" وبمنطق إنهم حيوانات فلا حق لهم، فكان للفيل والدب النصيب الأكبر من السخرية بحكم حجميهما، ليلى نظمي في أوبريت "سنة أولى أول" المقطع الشهير: "ارقص لي يا فيل يا أبو زلومة وأديلك قرش، رجلك من تقلك مظلومة يا تقيل يا أبو كرش"، فيما فرقة "4m " التي أطلقها الراحل عزت أبو عوف وشقيقاته الأربع مطلع الثمانينيات، أغنية "دبدوبة التخينة"، وتقول الفرقة فيها: "أجمل من فى الحفلة مين؟ دبدوبة التخينة |
---|---|
بحرج، استعادت إيمان 30 عاماً سنواتها العشر الأولى، التي كانت تجمعها على عتبات بيتها في حي شبرا الشعبي، قبل عشرين سنة، مع الصغار في جلسات لعب تتخللها مراقبة أنوف المارة من كبار السن، والضحك بخبث | وتعبر ندى التي بدأت أمومتها منذ تسعة أشهر فقط، عن ذهولها من تضمين تصنيفات من هذا النوع في أغنيات للأطفال، وتتابع لرصيف22: "أظن أن القائمين على الأغنية كان لديهم رغبة في توصيل قيمة العطاء، لكن تقديمها بمصطلحات مباشرة مثل الأغنياء والفقراء، قد يؤذي مشاعر المحتاجين منهم" |
وسواء كانت إيمان أو شقيقها أو طفلتها، فجميعهم المصدر الذي جلبت منه اللعبة، إذ تعود إلى أغنية "ماخدش العجوز أنا"، التي غنتها الفنانة ليلى نظمي في الستينيات، وأخذت تكرر بدلع عقب كل مقطع: "يا راجل يا عجوز مناخيرك قد الكوز" حتى انتشرت، ووجدت طريقها إلى الصغار.
14