وهذا أقرب والله أعلم، بمعنى أن المصنف هنا لم يُرِدْ أن الصبر على الطاعة ليس من الإيمان، أو الصبر عن المعصية ليس من الإيمان، وإن كان الصبر على الأقدار قد يُورد شيئًا مما يتعلق بالنوعين الآخرين لكن سيأتي في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، لكن قد تغفل النفس عن الصبر على المصيبة، فيفعل الطاعة ويترك المعصية، هو يستحضر ماذا؟ الصبر على كل منهما، لكن هذا النوع الثالث يحتاج إلى تنصيص، حينئذٍ يكون الباب المراد به الأنواع الثلاثة، لكن نَصّ على نوعٍ لشدة الحاجة إليه، وأما النوعان الآخران لم ينص عليه ولا يلزم من ذلك أن لا يكون مرادًا من الباب، لكن للعلم به ولأنه مُسَلم عند الكل لم ينص عليه، وذِكْر الشيء للحاجة إليه نقول: هذا مما جاء به الشرع في الكتاب والسنة، فقد ينص على الشيء ويترك بقيته، ومر معنا «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» قلنا: هذا لا يلزم منه، لكن هذه الأشياء تعتبر أساسًا، وإلا ثَمَّ أشياء أخر تزيد على العشر والعشرين مما تورث حلاوة الإيمان، لماذا خص هذه الثلاث؟ لمزيد عناية، لِمَ خصّ هنا هذا النوع؟ لمزيد عناية، لأن النفس تغفل بالفعل لو نظر الإنسان في نفسه قد يستحضر الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية، لكن الصبر على المصيبة قد ينسى أصلاً أن ثَمَّ صبرًا يحتاجه في هذا المقام، حينئذٍ قال: خُصّ بالذكر لشدة الحاجة إلى معرفته والعمل به | هو قطعًا أن المذكور بظاهره ابتداء ليس مخرجًا له من الملة، فمجرد الطعن في النسب ليس كفرًا، لو قلنا: بأنه كفر كفرنا بالمعصية التي لا تكون كفرًا، لو قلنا: النياحة أنها مخرجة من الملة لكفرنا بالمعصية التي ليست بكفر، حينئذٍ وقعنا في إشكال مخالف للأصول عندنا أصول معتمدة أن المعصية لا تؤدي إلى الكفر، هذا في أصله، المعصية المراد بها ماذا؟ التي لا تصل إلى حدّ الكفر، وأما المعاصي التي هي كفر هذا لا إشكال فيه، حينئذٍ كيف نأولها؟ نقول: ليس من سنتنا، ليس من أهل سنتنا وطريقتنا |
---|---|
أن الإنسان قد يكره الشيء وهو خير له | قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: خُصَّ الخدّ بذلك لكونه الغالب |
وفعل الله الْمُقَدِّر فيجب الصبر والرضا به، والمَقْدُور ثَمَّ تفصيل قد يكون طاعات وقد يكون معاصي وقد يكون من أفعال الله تعالى، فالطاعات يجب الرضا بها، لأنها حكم الله الشرعي، وجميع أحكام الله الشرعية يجب التسليم لها، يجب الرضا بها، يجب القناعة بها، فمن لم يقتنع بحكم واحد ثابت في الشرع وهو يعلم أنه ثابت هذا خروج من الملة.
11تبرأ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا شدة وعيد وذلك لمنافاتها للصبر على ما قدره الله من المصائب وهو واجب | قال: ولو كان رجل من أفجر الناس فإنه لا بد أن يخفِّف الله عنه عذابه بمصائبه |
---|---|
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء» يعني كِبَر عِظَم بكسر العين، وفتح الظاء فيهما في الموضعين، ويجوز ضمها مع سكون الظاء، إذًا «عظم الجزاء» يعني كِبَر، أي من كان ابتلاؤه أعظم كمية وكيفًا كان ثوابه أعظم، وفضله أجزل، فعظمة الأجر وكثرة الثواب «مع عظم البلاء» كيفية وكمًّا جزاءً وفاقًا | وصلَّّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين |
هذا أصل بدعي، وزن الناس يكون بماذا؟ بالشرع بالكتاب والسنة، من وافق الكتاب والسنة حينئذٍ هو الذي يُمدح، ومن خالف حينئذٍ هو الذي يُذَمّ، ليس الذي خالفني يُذمّ ولو وافق السنة والكتاب، لا، وإنما الميزان هو الشرع وليس فلان وفهم فلان، لا، ويزن الناس به، فكل هذا من دعوى الجاهلية.
26