فمَن نفى القَدر وزعَم مُنافاته للشرع، فقد عطَّل الله عن عِلْمه وقُدرته، وجعَل العبد مستقلاًّ بأفعاله، خالقًا لها كما قالت المعتزلة؛ حيث أثْبَتوا خالقًا مع الله، لا يَنحصر في واحد أو اثنين كما قالت النصارى، ولكن جعَلوا آلهةً أخرى بعدد البشر، ومَن أثبَت مُحتجًّا به على الشرْع، مُحَاربًا له به، نافيًا عن العبد قُدرته التي منَحها الله إيَّاها، ونفى أمرَ الله ونَهْيه، فقد نفى الحكمة عن أفعال ربِّه، ونسَب إليه الظُّلم والعَبَث - تعالَى الله عن ذلك عُلوًّا كبيرًا | فاللهمَّ صلِّ وسلِّم، وزِدْ وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه وأتْباعه، ومَن سارَ على منهجهم، واسْتَنَّ بسُنَّتهم إلى يوم الدين |
---|---|
والطاغوت: هو كلُّ مَن عُبِد من دون الله، أو صَرَف عن عبادته؛ من معبودٍ رَضِي لنفسه أن يُعبد مع الله، أو مَتبوعٍ، أو مُطاعٍ في غير طاعة الله تعالى وطاعة رسوله | التوحيد في اللغة : مصدر للفعل وحَّد ، يوحِّد توحيدا فهو موحِّد إذا نسب إلى الله الوحدانية ووصفه بالانفراد عما يشاركه أو يشابهه في ذاته أو صفاته ، والتشديد للمبالغة أي بالغت في وصفه بذلك |
بألا تكون عبداً لغير الله، لا تعبد ملكاً ولا نبياً ولا ولياً ولا شيخاً ولا أماً ولا أباً، لا تعبد إلا الله وحده، فتفرد الله عز وجل وحده بالتأله والتعبد، ولهذا يسمى : توحيد الألوهية، ويسمى : توحيد العبادة، فباعتبار إضافته إلى الله هو توحيد ألوهية، وباعتبار إضافته إلى العابد هو توحيد عبادة.
26فهذه أغلبُ الأسماء والمُصطلحات التي تُطْلَق على توحيد الألوهيَّة في الكتب التي تَعرض له، وعلى ألْسِنة مَن يتناولونه بالشَّرح والبيان | فإذا أحببت الله عز وجل، رغبت فيما عنده ورغبت في الوصول إليه، وطلبت الطريق الموصل إليه، وقمت بطاعته على الوجه الأكمل، وإذا عظمته خفت منه، كلما هممت بمعصية، استشعرت عظمة الخالق عز وجل، فنفرت، وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء يوسف : من الآية 24 ، فهذه من نعمة الله عليك، إذا هممت بمعصية، وجدت الله أمامك، فهبت وخفت وتباعدت عن المعصية، لأنك تعبد الله رغبة ورهبة |
---|---|
بأن يعبد الله وحده لا شريك له وذلك ان تصرف جميع انواع العبادة ه تعالى وحده و يدل على ذلك قوله تعالى : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ | وللاستزادة من هذا المبحث راجع: جهود علماء الشافعية في تقرير توحيد العبادة للدكتور العنقري ص154 وما بعدها |
وسمي بتوحيد الألوهية : لأنه مبني على التأله لله وهو التعبد المصاحب للمحبة والتعظيم.
14