تدبر القرآن. صفة تدبر القرآن

الزهد لابن المبارك، 97، وانظر نضرة النعيم، 913 8 - قال ابن القيم: "ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز والعلوم النافعة، وتثبت قواعد في قلبه، وتريه صورة والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر، وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وقواطيع الطريق وآفاته، وتعرفه وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل وأهل وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة فالمؤمنُ عندما يَمُرُّ على آياتِ الوعيدِ يَخَافُ أنْ يَكُونَ داخلاً فيها، ويَسألُ اللهَ السلامةَ من ذلك، وعند ذِكْرِ المغفرةِ والرحمةِ يَستبشرُ ويَفرَحُ ويَسألُ اللهَ أنْ يكونَ مِنْ أهلِ ذلك
أما إن أعقبها تقوى فى القلب وعمل صالح فإن ذلك هو الفضل العظيم من الله سبحانه و تعالى وهناك تدبر محمود وهو أن تفهم المراد الحقيقى من الآيات ثم تعمل بمقتضاها، وهناك تدبر مذموم وهو أما أن تفهم المراد الحقيقى من الآيات ثم تعمل بعكسها وإما أن تفسر الآيات بغير علم على هواك فتَضِل وتُضِل غيرك؛ مثال: يقول الله عز وجل فى سورة الحجر آية 99: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" ؛ فالتدبر الصحيح المحمود هو أنك لا تتوقف عن العبادة حتى تموت يأتيك اليقين؛ اليقين هنا بمعنى الموت ، وأما التدبر المذموم فيقول صاحبه أنه عندما يشعر الإنسان أنه قد امتلأ يقينا بالله فإنه لا يحتاج إلى أن يتعبد لله بعدها!! وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين

أهمية تدبر القرآن الكريم

أمورٌ تساعد على تدبُّر القرآن هناك العديد من الأمور التي تُعين على تدبُّر القرآن، ومنها: تلاوته ليلاً؛ إذ إنّ التلاوة في صلاة الليل تُساعد العبد على التأمُّل، والوقوف على المعاني، والمقاصد؛ لِما في الليل من هدوءٍ، وبُعدٍ عن مشاغل الحياة الدُّنيا، بالإضافة إلى حُسن الإنصات، والاستماع؛ لتحقيق الانتفاع بالقراءة، والاعتبار بما فيها من مواعظ، وحِكمٍ، ومعرفة كيفيّة البدء بالآية، والوقوف عندها؛ أي مراعاة أحكام ؛ للبحث عن أسباب الرَّبط بين الآيات، والتأمُّل في معانيها؛ فالجهل بالمعنى قد يكون سبباً في عدم التلذُّذ عند قراءة القرآن، والوصول إلى المُراد يُسهم فيه تدبُّر القرآن، فيقف عند المعاني كلّها، ويتأمّل ما فيها من أوامر، ونَواهٍ، كما أنّ تكرار الآية أكثر من مرّةٍ يُساعد في التدبُّر، وله أثرٌ في القلب، وتتحقّق به حلاوة الإيمان، بالإضافة إلى معرفة أساليب القرآن العديدة، مثل: الآيات المختومة ، والغاية من ذلك، واشتمال القرآن على أساليب التعليم، كضرب الأمثلة، والتشبيه بالمَحسوسات، ومن الأساليب القرآنيّة أيضاً: التذكير بأمر الله، وعَظَمة الخالق، والتشويق لِما أعدّه من أجرٍ وثوابٍ، والنَّهي عن السخرية والاستهزاء، وذِكر الخسارة التي يقع فيها من ارتكب النواهي، وعاقبته في الآخرة.

صفة تدبر القرآن
وتدبُّر القرآن يُحقّق للمسلم استشعار الخوف من عذاب الله، وغضبه، والسَّعي فيما يُرضيه، وذكرَ السعديّ أنّ من أهمّية تدبُّر القرآن: تحقيق معرفة العبد بربّه، والعِلم بصفاته الكاملة، وتنزيهه عن كلّ نَقصٍ لا يليق به، وبذلك يزداد ، ويرسخ في قلب صاحبه، كما أنّ تدبُّر القرآن مفتاحٌ للعديد من العلوم، والمعارف، فيزداد علم العبد، وتزداد بصيرته، ويعرف بذلك الطُّرق التي تَصِله بالله، بما يُحقّق البُعد عن كلّ أسباب العقاب، ومن أهمّية التدبُّر أيضاً: العلم التامّ بأنّ القرآن الكريم من عند الله، وأنّه كاملٌ لا نَقْص فيه، وبه تتحقّق العبوديّة لله -تعالى-، كما أنّ فيه تربيةً للعقل، وحمايةً للمسلم من الشيطان، وتحقيقاً للراحة والطمأنينة، وهدايةً من الله، وتوفيقاً
كيف يكون تدبر القرآن
وهكذا كان هدي النبي عليه الصلاة والسلام، فقد وصف حُذَيْفَةُ رضي الله عنه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ
صفة تدبر القرآن
ولذا اعتنى به صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم وتابِعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً، وعلى ذلك سار سائر السلف، ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لمعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، "وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا تدبره"
إِنَّ تدبر القرآن هو التأمُّلُ لفهم المعنى، والتوصُّلُ إلى معرفةِ مقاصدِ الآياتِ وأهدافها، وما ترمي إليه من المعاني والحِكَمِ والأحكام، وذلك بقصد الانتفاع بما فيها من العلم والإيمان، والاهتداء بها والامتثال بما تدعو إليه هل أسقطت في هذه السورة من شيء؟ قال: لا أدري، ثم سأل آخر واثنين وثلاثة كلهم يقول: لا أدري، حتى قال: ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله فما يدرون ما تلي منه مما ترك؟ هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل فشهدت أبدانهم وغابت قلوبهم؛ ولا يقبل الله من عبد حتى يشهد بقلبه مع بدنه»
فاعتصم بالله واستعن به وقل: حسبي الله ونعم الوكيل"

تدبر القرآن .. لماذا وكيف؟

وقد نعى الله على المشركين إعراضَهم عن القرآن وعدمَ استفادَتِهم من عِبَره وهديه فقال سبحانه: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ.

4
تدبر آيات القرآن الكريم
فالتساؤلُ يُثِيرُ الفِكْرَ والنَّظَرَ عند الإنسان، ويحفِّزُهُ على البحث عن معنى الآية ودَِلالاتها، ويُرَسِّخُ المعنى في الذهن
تدبر آيات القرآن الكريم
تحميل كتاب تدبر القرآن pdf
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ، فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا: أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ، فَلْيَقُلْ: بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ