وهناك مناسبةٌ بين سورة المزمل والسورة التي سبقتها، وهي ، فقد ختمَ الله تعالى سورة الجن بذكر رسالات الرسل وتبليغهم لها، وابتدأ سورة المزمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ، وإندار قومه وأن ينشغل بالدعوة، ويقوم الليل عبادةً لله تعالى، وفي سورة الجن بينَ الله تعالى موقف قريش وأفعالهم من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي مطلع سورة المزمل أمرهُ بالدعوة، وكأنَ فيه إشارة للنبي صلى الله عليه مع ما يلاقيه من أذى أن يستمر في دعوته لقومه | وقد ذكرَ في تفسيره أن سببَ نزول سورة المزمل، انه اجتمع كبار قريش وزعمائها يوماً في دار الندوة بعد ما بلغهم من الرسالة التي أنزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فبدأوا يتباحثون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وينظرون في أمره ويمكرونَ له، ويبحثون له عن اسم يجعل الناس ينفِرُونَ منه ولا يؤمنون به، فتارةً يقولون ساحر وتارةً مجنون وكاهن، ولما بلغ ذلكَ النبي صلى الله عليه وسلم أصابه من الهمِ ما أصابه، وبدأ يفكر في موقف قومه من رسالته، فعاد حزيناً وتدثرَ في ثيابه وتزمل فيها، فأنزل الله تعالى سورة المُزمل |
---|---|
كيف تحفظ أطفالك سورة الهمزة؟ لا بد أنك تعلم عزيزي القارئ القول المأثور الذي ينص على ما يأتي: "الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، والحفظ في الكبر كالكتابة على الماء"، واستندَ هذا القول على أن الصغير يحفظ بسرعة أكبر من الكبير، مع أن الصغير تكون قدراته على الفهم محدودة بعكس قدراته على الحفظ، فكلما تقدم في العمر زاد فهمه وقله حفظه، وهكذا إلى أن تتساوى القدرات في عمر العشرين تقريبًا | وقد وجهت السورة النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرته الدعوية، وكيف يسير فيها ويتعامل مع مجرياتِ الأحداث، وكيف يتعامل مع من صدَ وكفر بدعوته، وسميت سورةُ المزمل بهذا الاسم، لأنها ابتدأت الحديث عن المُزمل، وهو النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه وابتداء رسالته، والمزملُ هو المُلتف بثيابه، وهو اسمٌ من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أمره الله سبحانه وتعالى في بداية الآيات أن يترك التزمل، ويبدأ بتبليغ الرسالة، وكان هذا هو سبب نزول سورة المزمل |
سبب نزول سورة المزمل نزلت سورة المزمل في بداية الدعوة، وتعريف "سبب النزول" هو نزول الآيات بحسب حدثٍ أو واقعة أو سؤال أيام وقوعها، ويؤخذ سبب النزول من الأحاديث الصحيحة التي توردُ في شأن الآيات، وجاء سبب نزول سورة المزمل في حديث طويل ترويه السيدة عائشة رضي الله عنها، فقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ.
13بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ 1 قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا 2 نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا 3 أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا 4 إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا 5 إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا 6 إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا 7 وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا 8 رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا 9 وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا 10 وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا 11 إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا 12 وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا 13 يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا 14 إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا 15 فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا 16 فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا 17 السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا 18 إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا 19 إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 20 السورة السابقة: سورة المزمل السورة التالية: ١ ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩ ١٠ ١١ ١٢ ١٣ ١٤ ١٥ ١٦ ١٧ ١٨ ١٩ ٢٠ ٢١ ٢٢ ٢٣ ٢٤ ٢٥ ٢٦ ٢٧ ٢٨ ٢٩ ٣٠ ٣١ ٣٢ ٣٣ ٣٤ ٣٥ ٣٦ ٣٧ ٣٨ ٣٩ ٤٠ ٤١ ٤٢ ٤٣ ٤٤ ٤٥ ٤٦ ٤٧ ٤٨ ٤٩ ٥٠ ٥١ ٥٢ ٥٣ ٥٤ ٥٥ ٥٦ ٥٧ ٥٨ ٥٩ ٦٠ ٦١ ٦٢ ٦٣ ٦٤ ٦٥ ٦٦ ٦٧ ٦٨ ٦٩ ٧٠ ٧١ ٧٢ ٧٣ ٧٤ ٧٥ ٧٦ ٧٧ ٧٨ ٧٩ ٨٠ ٨١ ٨٢ ٨٣ ٨٤ ٨٥ ٨٦ ٨٧ ٨٨ ٨٩ ٩٠ ٩١ ٩٢ ٩٣ ٩٤ ٩٥ ٩٦ ٩٧ ٩٨ ٩٩ ١٠٠ ١٠١ ١٠٢ ١٠٣ ١٠٤ ١٠٥ ١٠٦ ١٠٧ ١٠٨ ١٠٩ ١١٠ ١١١ ١١٢ ١١٣ ١١٤ | موضوع سورة المزمل جاء في سورة المزمل تكليفُ النبي صلى الله عليه وسلم بالعبادة، وخُصت عبادة الليل وهو ، لأنها تقوي علاقةَ العبدِ بربه، فيكون في ظلمةٍ وصفاءٍ وهدوءٍ يناجي ربه ويبتهل إليه بالخشوعِ والتضرع، فتتحقق الحالةُ الروحانية، والخشوع والإخلاص لله سبحانه وتعالى، وأمرت الآيات النبي صلى الله عليه وسلم، بقراءة القرآن وترتيله، وتدبره وفَهمِ معانيه ومقاصده، وأُمر صلى الله عليه وسلم بإدامة وكثرة ذكر الله تعالى، والصبر في دعوته، وأن يُشغِلَ نهاره في الدعوة لله سبحانه وتعالى، واكتسابِ رزقه، فكان سبب نزول سورة المزمل، هو أن النبي صلى الله عليه وسلم تزملَ بغطائهِ بسبب ارتعاده من نزول الوحي، فأنزل الله تعالى عليه الآيات |
---|---|
وأما خطابُ الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بقول المزمل فذُكرَ فائدتان، الأولى هي الملاطفة، والثانيةُ هي التنبيه لأي متزملٍ ينام ليلته، لينبهه الله تعالى لقيام اليل وذِكرِ الله تعالى، ولكي لا يفوته عظيم أجرِ قيام الليل، واختلف علماء التفسير في معنى المُزمل، فقيل هو المُزمل بالنبوة، وقيل المُزملُ بالقرآن، وقيل من تزملَ بثيابه لمنامه، وما ثبتَ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى جبريل عليه السلام، وارتعدَ لرؤيته، ذهب إلى خديجة وقال لها زملوني، فحاطبه الله سبحانه وتعالى بها، وكانت سبب نزول سورة المزمل |