ومن المتيقن أن المسلمين لن تقوم لهم دولة عزيزة قوية إلا إذا اجتمعوا على ما اجتمع عليه أوائلهم وأسلافهم، الذين فتحوا البلاد بعدل الإسلام وعزته، وفتحوا القلوب لعبادة الله وحده لا شريك له، وبذلك صاروا، هم القادة | ذكر ابن جرير —رحمه الله- بأسانيده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا |
---|---|
وقال الزبير بن عدي: أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال: اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم | أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ |
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يُعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
18وقال أبو عثمان الصابوني: ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورة فجرة ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح ولا يرون الخروج عليهم وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل | |
---|---|
وهو عند الحاكم في المستدرك بلفظ: من فارق الجماعة واستبدل الإمارة لقي الله ولا حجة له عنده | وقال الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف -رحمه الله-: «وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج عن الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد، وهذا غلط فاحش وجهل ظاهر لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا، كما يعرف ذلك من نوَّر الله قلبه، وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين» |
قال القرطبي: المراد به زمان الخلفاء، الثلاثة إلى قتل عثمان فهذه كانت أزمنة اتفاق هذه الأمة واستقامة أمرها وعافية دينها، فلما قتل عثمان هاجت الفتن ولم تزل ولا تزال إلى يوم القيامة.
16قال النووي: وفيه الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولي ظالما عسوفا فيعطى حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلع بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه | قال: وإن كان فإنما هي فتنة خاصة فإذا وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل الصبر على هذا يسلم لك دينك خير لك |
---|---|
قال: فاجمعوا لي حطبا فجمعوا | ولم ينقل عن أحد من السلف المعتبرين لا من الصحابة فمن بعدهم مخالفة هذا الأصل أو القول بعدم لزوم الطاعة وجواز الخروج على الأئمة اللهم إلا خلافا عن بعض التابعين لكن هذا الخلاف وقع في الفتنة قبل أن تدون عقيدة أهل السنة والجماعة ثم لما انكشفت الفتنة واتضحت الأمور تقرر هذا الأصل واستقر الإجماع عليه وبينه أئمة السنة وهو الموافق للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة وصار ما حفظ من الخلاف اليسير شاذ لا يلتفت إليه لمخالفته للنصوص ومسلك الجماعة فلا يسوغ لأحد من المتأخرين الاستدلال به |
و قد قدم لنا رسولنا الكريم خير شرح لهذه الطاعة ، من خلال مبايعة الأنصار له عند الهجرة ، حيث كانت طاعتهم واجبة له في كل الأحوال ، في السراء و الضراء ، في العسر و الرخاء ، طاعة في سبيل الله و قد كان من آثار هذه البيعة أن المسلمين في هذا التوقيت كانوا على قلب رجل واحد ، كلمتهم واحدة ، و قوتهم كبيرة ، حتى أنهم بتتابع فكرة البيعة بعدها ، استطاعت الأمة الإسلامية أن تحقق كل ما قد تم تحقيقه آن ذاك.
8