بيان أسماء سورة الكافرون بعد ما وردَ من مقاصد سورة الكافرون، جدير بالذكر إنَّ هذه السورة المباركة تُسمَّى سورة الكافرون وتُسمَّى أيضًا سورة الإخلاص، فقد صحَّ عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- إنَّه قال: "إنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قرأ في رَكْعتيِ الطَّوافِ بسورَتَيِ الإخلاصِ: {قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} } ، وسُمِّيت بالإخلاص لأنَّها تدعو إلى إخلاص العبادةِ والعمل لله تعالى، تدعو إلى معرفة الله تعالى، فالسورتان تدعوان إلى الإخلاص في عبادة الله وإلى معرفة الله، وتحقيق الاثنين معًا يوصل العبد إلى مرتبة رفيعة من مراتب الإيمان، والله تعالى أعلم | لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ إجمال لحقيقة الافتراق لا التقاء فيه والانفصال الذي لا اتصال فيه، والتميز الذي لاختلاط فيه |
---|---|
الاختلاف في جوهر الاعتقاد ، وأصل التصور ، وحقيقة المنهج ، وطبيعة الطريق | وكانوا يزعمون أن الملائكة بنات الله ، وأن بينه ـ سبحانه ـ وبين الجنة نسباً ، أو ينسون هذا الرمز ويعبدون هذه الآلهة ،وفي هذه الحالة أو تلك كانوا يتخذونها لتقربهم من الله كما حكى عنهم القرآن الكريم في سورة الزمر قولهم : " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " |
وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم ، وليلبسوا عليهم دينهم ، ولو شاء الله ما فعلوه ، فذرهم وما يفترون.
إنما هو الله الآمر الذي لا مرد لأمره ، الحاكم الذي لا راد لحكمه | فلما جاءهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : إن دينه هودين إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ قالوا : نحن على دين إبراهيم فما حاجتنا إذن إلى ترك ما نحن عليه واتباع محمد ؟! حتى ليقتضي هذا النصيب أحياناً التضحية بأبنائهم |
---|---|
فلا التقاء إذن بينك وبينهم في طريق | وقالوا : هذه أنعام وحرث حِجر لا يطعمها إلا من نشاء ـ بزعمهم ـ وأنعام حرمت ظهورها ، وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه |
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ قل فهو الأمر الإلهي الحاسم الموحي بأن أمر هذه أمر الله وحده.
سبب نزول سوره الكافرون، يعتبر القرآن الكريم الذي هو آخر الكتب السماوية والتي اختص بها الله سبحانه وتعالى أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنزل القرآن الكريم على رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وكان يحتوي على العديد من السنن والتشريعات السماوية التي أقرها الله سبحانه وتعالى ومن شأنها أن تنظم حياة الأمة الاسلامية عبر شرعها، وتوجهها الى طريق الخير، ويضم القرآن الكريم في قلبه 114 سورة سماوية منزلة من الله سبحانه وتعالى، أنزلت على النبي محمد عليه الصلاة والسلام بالتواتر وعلى فترة ثلاثة وعشرين سنة متواصلة، وكل سورة كان ينزلها الله سبحانه و تعالى كانت لسبب وهدف ما، وفي مقالنا هذا سنوضح لكم سبب نزول سورة الكافرون | ولكنهم مع إيمانهم بالله كان هذا الشرك يفسد عليهم تصورهم كما كان يفسد عليهم تقاليدهم وشعائرهم ، فيجعلون للآلهة المدعاة نصيباً في زرعهم وأنعامهم ونصيباً في أولادهم |
---|---|
وبغير هذه المفاصلة سبيقي الغبش، وتبقى المداهنة ويبقي اللبس ويبقي الترقيع | عند الحديث عن سبب نزول سورة الكافرون، يجب أن نُشير إلى إنَّ علم أسباب النزول علم واسع عظيم؛ فهو مفتاح من مفاتيح تفسير الآية القرآنية، ولم يحطْ هذا العلم بكلِّ ما نزل من القرآن الكريم، فكثيرةٌ هي الآيات القرآنية التي لم يردْ فيها سبب نزول صريح، كالآيات القرآنية التي ذكرتْ قصص الأولين وغيرها |
سبب نزول سورة الكافرون قبل الحديث عن مقاصد سورة الكافرون، سيتم تسليط الضوء على سبب نزول هذه السورة المباركة، والسبب الوارد هو أنَّ كفار قريش عرضوا على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يعبدوا الله تعالى ويؤمنوا بما جاء به رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- شريطة أن يشارك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كفار قريش في عبادة آلهتهم من الأصنام التي لا تضرُّ ولا تنفع ولا تتحرَّك، فنزل هذه السورة لإنهاء هذه المفاوضات، فلا مساومة ولا نقاش في عبادة الواحد الأحد، وقد روى -رضي الله عنه- سبب نزول هذه السورة قائلًا: "إنَّ قريشًا وعدُوا رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنْ يعطوه مالًا فيكونَ أغنى رجلٍ بمكَّةَ، ويزوّجوه ما أرادَ من النِّساءِ، ويطؤوا عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد، وكفّ عن شتمِ آلهتنا، فلا تذكرها بسوء فإن لم تفعل فإنا نعرضُ عليكَ خصلةً واحدةً، فهي لك ولنا فيها صلاح، قال: ما هي؟ قالوا: تعبد آلهتنا سنة، اللات والعزى، ونعبد إلهك سنة، قال: حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي، فجاء الوحي من اللوحِ المحفوظ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} السورة"، وروى القصة أيضًا سعيد بن مينا مولى البَختري بقوله: "لقيَ الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأميَّة بن خلف رسولَ الله، فقالوا: يا محمد! وفي الوقت ذاته راحوا يحاولون مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطة وسطا بينهم وبينه ؛ وعرضوا عليه أن يسجد لآلهتهم مقابل أن يسجدوا هم لإلهه! إنما هو الآمر الذي لا مرد لأمره، الحاكم الذي لا مرد لحكمه.